ادعمنا بالإعجاب

قصيدة: الجوهر المنظم في سيرة النبي المكرم، الجزء 3 : من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم الى اختتام القصيدة

هجرة   النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة
فَبَيْنَا رَسُولُ اللهِ يَثْوِى بِمَكَّةَ
يُقَاسِي مَضَرَّاتٍ بِعَزْمٍ مُصَمَّمِ

وَيَرْجُو حُصُولَ الأَمْرِ مِنْ رَبِّهِ بِأَنْ
يُهَاجِرَ تَوْسِيعَ الْبَلاَغِ الْمُحَتَّمِ  

إِذِ الرُّوحُ جِبْرِيلٌ أَتَى آمِرًا لَهُ
أَنِ اخْرُجْ مِنَ الْبَطْحَا وَطَيْبَةَ يَمِّمِ،

وَأَنْ لَا تَنَمْ فِي بَيْتِكَ اللَّيْلَةَ الَّتِي
دَنَتْ مِنْكَ إِيحَاءً مِنَ اللهِ الْأَحْكَمِ

فَقَامَ سَرِيعًا مَاشِيًا مُتَقَنِّعًا
لِبِيتَ أَبِي بَكْرٍ أَخِيهِ الـْمُتَيَّمِ

وَذَلِكَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرِ وَسَاعَةً
زِيَارَتُهُ فِي مِثْلِهَا لَمْ تَقَدَّمِ

فَصَاحَتْ لَهُ أَسْمَاءُ إِذْ  بَصَرَتْ بِهِ
تَقُولُ أَبِي ذَا جَائَكَ الـْمُصْطَفَى السَّمِي

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِدَاءً لَهُ أَبِي
وَأُمِّي لـِمَاذَا جَاءَ فِي غَيْرِ مَقْدِمِ

فَبَالَغَ فِي إِكْرَامِهِ ثُمَّ قَالَ يَا
رَسُولَ الِإلَهِ الْحَقِّ خُذْ فِي التَّكَلُّمِ

فَقَالَ أَزِلْ عَنْكَ الصَّوَاحِبَ قَالَ لَا
يَضُرْنَ فَهُنَّ الْأَهْلُ لَا بَأْسَ كَلّمِ

فَقَالَ لَهُ إِنِّي أُمِرْتُ بِهِجْرَتِي
وَأَخْرُجُ مِنْ بَيْتِي لِطَيْبَةَ فَاكْتُمِ

وَقَالَ نَعَمْ إِذْ رَامَ صُحْبَتَهُ لَهُ
فَعَيْنُ أَبِي بَكْرٍ سُرُورًا هَمَتْ هُمِي

فَقَالَ لَهُ الصِدِّيقُ مِنْ نَاقَتِيَّ قَدْ
عَلَفْتُهُمَا خُذْ نَاقَةً وَتَسَلَّمِ

فَقَالَ فَإِنِّي لَا أُرِيدُ قُبُولَهَا
بِلَا عِوَضٍ بِعْنِي بَعِيرًا وَقَوِّمِ

لِيَجْعَلَ مَا يَأْتِي جِهَادًا بِنَفْسِهِ
وَأَمْوَالِهِ للهِ مَوْلَاهُ الأَرْحَمِ

فَنَاقَتَهُ الْقُصْوَاءَ مِنْهُ اشْتَرَى لَهُ
وَقِيمَتُهَا خَمْسَانِ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمِ

وَوَاعَدَهُ وَقْتًا مِنَ الَّليْلِ مُظْلِمًا
وَظَلَّا بِشَوْقٍ لِلْجَلَاءِ الـْمُبَرَّمِ

فَأَمْسَى وَجَاءَ الَّليْلُ يُرْخِي سُدُولَهُ
عَلَيْهِ بِأَنْوَاعِ الْبَلَاءِ الْعَرَمْرَمِ

وَلَيْلَتَهُ هَاتِيكَ لَيْلَةَ أَجْمَعَتْ
قُرَيْشٌ عَلَى إِعْدَامِهِ مُهْرَقَ الدَّمِ

فَإِنَّ قُرَيْشًا غَاظَهُمْ أَنْ تَسَاتَلَتْ
صَحَابَتُهُ تَأْوِي إِلَى يَثْرِبَ الْحَمِي

وَأَنْ عَلِمُوا أَنْ قَدْ أَرَادَ لِحَاقَهُ
بِهِمْ وَهْوَ عِنْدَ الْقَوْمِ أَفْظَعُ كِرْزِمِ

وَفِي عِلْمِهِمْ أَنَّ الَّذِينَ بِيَثْرِبٍ
ذَوَوُ قًوَّةٍ قَعْسًا وَبَأْسٍ مُحَطَّمِ

فَقَامُوا وَعَنْ سَاقِ الْعَدَاوَةِ شَمَّرُوا
يُرِيدُونَ قَلْعَ النَّابِتِ الـْمُتَبَرْعِمِ

فَنَادَى رَئِيسُ الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ صِلُوا
إِلَى النَّدْوَةِ العُلْيَا نُحَاوِرْ وَنَحْكُمِ

فَلَمَّا انْتَدُو أَلْقَى الـْمُرَحِّبُ خُطْبَةً 
يُنَوِّهُ فِيهَا بِالرَّئِيسِ الـْمُفَخَّمِ

وَيَحْفِي بِكُلِّ ثُمَّ قَالَ وَقَفْتُمُو
عَلَى مَا دَعَوْنَاكُمْ لَهُ فَلْيُبَرَّمِ

فَإِذْهُمْ بِنَادِيهِمْ أَتَاهُمْ وَلِيُّهُم
وَقُدْوَتُهُمْ إِبْلِيسُ مُغْوِي أَبِيهِمِ

بِصُورَةِ نَجْدِيٍّ تَطَيْلَسَ كَيْ يَرَوْا
برائَتَهُ مِنْ جسّه لِلْمُكَرَّمِ

فَقَالَ ائْذَنُوا لِي فِي الدُّخُولِ فَرُبَّمَا
أَدُلُّ عَلَى رَأْيٍ سَدِيدٍ مُسَلَّمٍ

فَقَالُوا لَهُ إِذْ لَمْ تَكُنْ مِنْ تِهَامَةٍ
فَلَسْتَ عَلَى سِرٍّ ظَنِينًا فَأَقْدَمِ

فَكُونُوا مُجِيلي الْفِكْرِ فِي أَمْرِهِمْ بِلَا
حَرَاكٍ لِشَيءٍ مِثْلَ رُصَّدِ أَنْجُمِ

فَمَنْ بَعْدَ تَفْكِيرٍ طَوِيلٍ تَهَيَّئُوا
لإِلْقَاءِ آرَاءٍ بَدَتْ وَالتَّكَلُّمِ

فَقَالَ امْرُؤٌ مِنْهُمْ لِيُوثَقْ مُحَمَّدٌ
بِبَيْتٍ وَيُغْلَقْ بَابُ ذَاكَ وَيُسْطَمِ

فَيَهْلِكَ عَنَّا مَهْلِكَ الشُّعَرا مَضَوْا
وَذُرَّ عَلَى أَكْفَانِهِمْ عِطْرُ مَنْشِمٍ

فَرَدَّ عَلَيْهِ الْحَاضِرُونَ وَشَيْخُهُمْ
مِنَ الْجِنِّ حَتَّى صَارَ ذَا مُهْمِلًا رُمِي

وَقَالَ امْرُؤٌ ثَانٍ لِيُخْرَجْ وَيُنْأَ عَنْ
قُرَانَا إِلَى أَقْصَى مَرَاحِلَ نُسْلِمِ

فَأَنَّبَهُ كُلٌّ وَأَوْهَوْا كَلَامَهُ
وَرَدُّوا وَقَالَ الشَّيْخُ فِي صَوْتِ ضَيْغَمِ

صَهٍ لَسْتَ مِنْ أَحْلَاسِهَا نَحْنُ إِنْ نَكُنْ
نُحَقِّقُ هَذَا الرَّأْيَ نَخْسَرْ وَنَنْدَمِ

أَلَمْ تَرَهُ رَجُلَ الْبَلَاغَةِ سَاحِرًا
بِمَنْطِقِهِ مَعْ حُسْنِ وَجْهٍ وَمُبْسَمِ

فَلَوْ حَلَّ فِي أَرْضٍ لَسَخَّرَ أَهْلَهَا
فَيَأْتِي بِهِمْ شَنًّا لِحَرْبٍ عَرَمْرَمٍ

يُرَى فِيهِ رَأْيًا فِيهِ حَسْمُ اعْتِدَائِهِ
عَلَيْكُمْ وَمَنْ يُهْمَلْ عَدُوَّا يُحَطَّمِ

فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ فَخَامَةُ صَدْرِهِمْ
يَرَى نَفْسَهُ كَشَّافَ ذَا الْحَادِثِ الْعَمِى

وَفَيْصَلَ كُلِّ الـْمُشْكِلَاتِ جُذَيْلَهَا الْ
مُحَكَّكَ وَالنِّبْرَاسَ فِي كُلِّ غَيْهَمِ

أَلَا فَأْخُذُوا مِنْ كُلِّ بَطْنٍ بِمَكَّةٍ
فَتًى أَيّدًا شَهْمًا يُخَصُّ بِهِذْرِمِ

فَيُؤْمَرَ فَلْيَضْرِبْهُ كُلُّ بِسَيْفِهِ
كَضَرْبَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ بَاسِلٍ كَمِي،

يَكُونُ بِهَذَا ثَأْرُهُ فِي قَبَائَلٍ
مُشاعًا فَيَرْضَى قَوْمُهُ فِيهِ بِالدَّمِ

فَمَا قَوْمُهُ يَوْمًا تُطِيقُ قِتَالَهُمْ
جَمِيعًا وَمَنْ لَمْ يُحْسِمِ الشَّرِّ يَنْدَمِ

فَصَفَّقَ كُلٌّ قَائِلِينَ بَخٍ بَخٍ
لِهَذَا وَقَالَ الشَّيْخُ ذَا رَأْيُ صَيْرَمِ

فَلَا بُدَّ مِنْ تَنْفِيذِهِ دُونَ مُهْلَةِ
فَلِلَّهِ دَرُّ الصًدْرِ أَسْمَى مُحَكَّمِ

وَنَوَّهَ بِالطَّاغِي وَعَظَّمَ قَدْرَهُ
وَصَوَّبَ عَقْلَ الْفَاتِكِ الـْمُتَقَحِّمِ

فَبِئْسَ عَدُوُّ الْحَقِّ اِبْلِيسُ عَوْنُهُمْ
عَلَى الـْمَكْرِ بِالْهَادِي النَّبِيِّ الـْمُكَرَّمِ

فَقَامُو عَنِ النَّادِي يَقُولُونَ اِنَّنَا
لَنَا صِدْقُ الأَنْوَءِ يَا سَعْدُ فَارْحَمِ

فَجَاؤُوا وَحَفُّوا بَيْتَهُ وَهْوَ فِيهِ مَعْ
عَلِيِّ بِذِكْرِ اللهِ مَوْلَاهُ الْأَرْحَمِ

فَبَاتُوا بِأَطْرَافٍ عَلَى صَيْرِ بَابِهِ
مُعَلَّقَةٍ مُحْمَرَّةٍ مِنْ تَحَدُّمِ

وَهُمْ يَرْصُدُونَ الْفَجْرَ أَنْ يُوقِعُوا بِهِ
جِهَارًا لِيُدْرَي أَنَّهُ فِعْلُ زِمْزِمٍ

وَشُهْرَةُ أَنَّ الْقَتْلَ مِنْ أَغْلَبِيَّةٍ
تَعُوقُ عَنِ الثَّأْرِ الأَقَلِّينَ فَاعْلَمِ

وَإِذْ يَمْكُرُ الْكُفَّارُ وَاللهُ فَوْقَهُمْ
يُدَبِّرُ مَكْرًا مُخْزِيًا كُلَّ مُجْرِمٍ

فَإِذْ عَلِمَ الهَادِي الـْمُحَاطَ بِهِ بِهِمْ
تَهَيَّأَ يُفْصِى وَهْوَ بِاللهِ يَحْتَمِي

فَأَوْصَى عَلِيًّا أَنْ يَنَامَ فِرَاشَهُ
وَيَلْتَفَّ فِي بُرْدٍ لَهُ وَهْوَ حَضْرَمِي

وَوَكَّلَهُ رَدَّ الوَدَائِعَ كُلِّهَا
إِلَى مُودِعِيهَا عِنْدَهُ لِلتَّحَزُّمِ

فَغَادَرَ ذَاكَ الْبَيْتَ لِلّهِ خَارِجًا
إِلَى اللهِ فِي شَطْرِ مِنْ اللّيْلِ مُظْلِمِ

وَذَرَّ عَلَيْهِمْ كَفَّ تِرْبَاءَ قَارِئًا
لِمَطْلِعَ يَسِينَ الْكِتَابِ الـْمُعَظَّمِ

فَلَمْ يَشْعُرُو وَاللهِ أَعْمَى عُيُونُهُمْ
وَصَيَّرَهُمْ إِذْ ذَاكَ أَغْفَلَ نُوَّمِ،

وَكَانُوا إِذَا رَدُّوا الْعُيُونَ لِصَيْرِهِ
رَأَوْا شَبَحًا فِي دَاخِلِ الْبَيْتِ يَكْتَمِي

وَمَابَرَحُوا حَتَّى تَضَجَّرَ كُلُّهُمْ
يَقُولُونَ زُلْ يَالَيْلُ يَا صُبْحُ أَنْعِمِ

فَقَالَ لَهُمْ مَنْ قَدْ رَآهُمْ بِبَابِهِ
رُقُوبًا خَسِرْتُمْ فَانْشُزُوا لِلتَّهَمُّمِ

فَذَلِكَ قَدْ وَاللهِ مَرَّ بِكُمْ وَمِنْ
تُرَابٍ عَلَيْكُمْ ذُرَّ إِذْ كُلُّكُمْ عَمِي

فَهَبُّوا سِرَاعًا يِنْفُضُونَ التُّرَابَ عَنْ
رُؤُوسِهِمْ اللَّتْ حَشْوُهَا الطِّينُ وَالْحَمِى

فَإذْ كَشَفَ الْفَجْرُ الْحَقِيقَةَ أَنَّهُ
تَخَلَّصَ مِنْ مَأْوَاهُ غَيْرَ مُرَوّمِ

وَأَنَّ الّذِي كَانُوا يَرَوْنَ بِبَيْتِهِ
أَبُو حَسَنٍ عَضُّوا أَنَامِلَ مَنْدَمٍ

فَسَالُوا عَلِيَّا أَيْنَ مَنْ مَعَكَ قَالَ مَا
أَحَطْتَّ بِهِ عِلْمًا إِذَا بَعْضُهُمْ جَمِي

فَصَالَ عَلَيْهِ ثُمَّ خَلُّوا سَبِيلَهُ
وَجَدُّوا سِرَاعًا لاِفْتِقَادِ الْمُكَلْصَمِ

وَجَالُوا بِقَاعًا شَاهِرِي أَسْيَفٍ وَهُمْ
يَقُولُونَ نَأْتِي الآنَ بَالْمُتَكَرْدِمِ

وَإنَّ النَّبِيَّ اجْتَازَ حَتَّى إذَا الْتَقَي
بِصَاحِبِهِ سَارا لِثَوْرٍ لِيَنْكَمِي

فَجَدَّ بِذَيْنِ السَّيْرُ مِنْ دُونِ مُرْشِدٍ
                        وَعِلْمٍ بِأَعْلَامٍ بِأَحْلَكَ غَيْهَمِ

وَإِنْ كَانَ سِتْرُ اللهِ مُرْخًى عَلَيْهِمَا
وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ يُحْفَظْ وَيُعْصَمِ

فَحِينَ انْتَهَى لِلْغَارِ قَالَ رَفِيقُهُ
مَكَانَكَ كَيْ أَسْتَبْرِىءَ الغَارَ تَسْلَمِ

فَنَقَّاهُ ثُمَّ اسْتَبْرَأَ الحَجَرَةَ اتَّقَا
لُحُوقَ أَذًى لِلْمُصْطَفَى مِنْهُ مُؤْلَمِ

وَبِالْخَرَقِ الأَجْحَارَ سَدَّ ثُقُوبَهَا
وَبالرِجْلِ جُحْرًا كَانَ مَجْحَرَ أَرْقَمِ

وَبَالَغَ فِي تَنْظِيفِهِ ثُمَّ قَالَ يَا
رَسُولَ الِإلهِ انْزِلْ وَبِالأَمْنِ رَوِّمِ

وَنَامَ رَسُولَ اللهِ وَاضِعَ رَأْسِهِ
عَلَى حِجْرِهِ رَوْمًا لِأَدْنَى تَنَعُّمِ

فَإِذْ نَهَشَ الصِّدِّيقُ فِي الرِّجْلِ حَيَّةٌ
مِنْ الْجُحْرِ لَمْ يَعْبَأْ بِذَاكَ التَوَصُّمِ

وَلَمْ يَعْلَمِ الهَادِي بِمَا نَابَهُ إِلَى
تَقَطُّرِ دَمْعٍ مِنْهُ فِي وَجْهِهِ السَّمِي

فَتَفْلُ وَمَسْحُ الْمُصْطَفَى حَيْثُ نَابَهُ
شَفَي مَا بِهِ مِنْ حِرْقَةٍ وَتَوَرُّمِ

وَقَرَّاهُمَا فِي الغَارِ بَعْدَ دُخُولِهِ
ثَلَاثَ لَيَالٍ فِي كَلَائَةِ الأَرْحَمِ

وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللهِ نَجْلُ رَفِيقِهِ
يَجُسُّ مِنَ الأَعْدَاءِ كُلَّ مُكَتَّمِ

فَيَحْفَظُ عَنْهُمْ كُلَّ مَا ائْتَمَرُوا بِهِ
مِنَ الْكَيْدِ ضِدَّ الْمُصْطَفَى بِتَفَهُّمِ

فَيَأْتِيهِمَا فِي الْغَارِ فِي الْوَهْنِ مُخْبِرًا
بِهِ ثُمَّ يَأْتِيهِمْ كَأَنْ لَمْ يُعَتَّمِ

وَكَانَ بهتر عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةِ
يُوَافِيهِمَا مَعْ مِنْحَةٍ بِتَحَزُّمٍ

فَيَسْقَيهِمَا مِنْ دَرِّهَا ثُمَّ يَقْتَفِي
لِيَمْحُوَهَا آثَارَ ذَاكَ الـْمُعَتِّمِ ،،

كَمَا كَانَ أَهْلُ الصَّاحِبِ الْفَرْدِ جَهَّزُوا
أَحَثَّ جَهَازٍ كَانَ دُونَ تَجَثُّمِ

وَأَسْمَاءُ شَقَّتْ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا
لِرَبْطِ جِرَابٍ أَتْرَعَتْهُ بِمَطْعَمِ

وَشَدَّتْ بِبَاقِيهِ السِّقَاءَ فَسُمِّيَتْ
بِذَاتِ النِّطَاقَيْنِ امْتِيَازًا بِذَا السَّمِ

وَلَمْ يَكُنِ الصِّدِّيقُ أَبْقَى لِأَهْلِهِ
مِنَ الْمَالِ شَيْئًا مَّا وَلَمْ يَتَبَرَّمِ

 بَلِ اخْتَارَ حَمْلًا لِلْحَصِيلِ مُقَدِّرًا
بحَاصِلِ ضَرْبِ الْخُمْسِ فِي أَلْفِ دِرْهَمِ

فَأَمَّا قُرَيْشٌ فَهْيَ وَالْقَافَةُ انْتَهُوا
إِلَى الْغَارِ مُسْتَقْصِي مَحَالَّ التَّوَهُّمِ  

وَقَافَتُهُمْ قَالُوا انْتهَى أَثَرُ السُّرَى
هُنَا فَتَرَئَوْا عَلَّهُ فِيهِ يَنْكَمِي

فَإِذْ صَرَفُوا أَبْصَارَهُمْ نَحْوَ بَابِهِ
عَلَيْهِ رَأَوْ ا نَسْجَ الْعَنَاكِبِ فَاعْلَمِ

وَزَوْجَيْ حَمَامِ الْوَحْشِ حَاِئَمَتَيْنِ فِي
أَمَانٍ بِقُرْبِ الْغَارِ وَالْبَيْضُ قَدْ حُمِي

فَمَا جَوَّزُوا أَنْ مَرَّ بِالْبَابِ مُخْتَفٍ
وَقَالُوا مُحَالٌ أَنْ يُرَى فِيهِ مُكْتَمِي

وَيَسْمَعُهُمْ خَيْرُ الْأَنَامِ فُوَيْقَهُ
وَيَعْلَمُ أَنْ كُلٌ مِنَ الْقَوْمِ قَدْ عَمِي

وَقَالَ لَهُ الصِّدِّيقُ لَوْ يَنْظُرُ امْرُؤٌ
لِمَا تَحْتَ عَقِبَيْهِ رَآنَا فَيَنْصَمِي

 فَثَبَّتَ قَلْبَ الصَّاحِبِ اللّذْ يَرُوعُهُ
وُقُوعُ قُرَيْشٍ حَوْلَ ثَوْرٍ كَيَرْخُمٍ

يَقُولُ لَهُ لاَ تَأْسَ إِنَّ الإِلَهَ مَعْ
كِلَيْنَا وَمَنْ يَصْحَبْهُ مَوْلَاهُ يَعْصَمِ

فَمَا الظًّنُّ بِالإِثْنَيْنِ وَاللهُ مَعْهُمَا
يَحُوطُهُمَا مَنْ يَرْعَهُ اللهُ يَسْلَمِ

فَعَادَتْ قُرَيْشٌ خَيْبَةٌ نَحْوَ مَكَّةٍ
تَعُضُّ بَنَانَ الخَاسِرِ الـْمُتَنَدِّمِ

وَأَصْدَرَتِ الإِعْلَانَ أَنَّ لآِخِذٍ
لَهُ مِأةً مِمَّا بَعِيرٍ مُسَلَّمِ

فَإِذّ هَدَا الْأَصْوَاتُ وَالطَّلَبُ انْتَفَى
أَرَادَهُمَا الإِسْرَاعَ لِلْمَقْصِدِ السَّمِي

وَمِنْ قَبْلُ كَانَا اسْتأجَرا ابْنَ أُرَيْقِطٍ
يَدُلُّ عَلَى نَهْجٍ لِطَيْبَةَ أَسْلَمِ

إِذْ وَكَّلَاهُ النَّاقَتَيْنِ كَمَا هُمَا
بِهِ ائْتَمَنَا مَعْ كَوْنِهِ غَيْرَ مُسْلِمِ

فَصُبْحَ ثَلَاثٍ جَاءَ ذَاكَ الدَّلِيلُ مَعْ
بَعِيرَيْهِمَا ثَوْرًا مَجِيءَ تَحَزُّمِ

فَسَارَ وَعَيْنُ اللهِ تَرْعَاهُمَا عَلَى
رَكُوبَيْهِمَا اسْتِتْبَاعَ خَطٍّ مُعَلِّمِ 

وَقَدْ أَرْدَفَ الصِّدِّيقُ مَوْلَاهُ عَامِرًا
فَجَدُّوا عَلَى إِثْرِ الدَّلِيلِ الْمُقَدّمِ

وَإِنْ أَبَا بَكْرٍ يَحُوطُ النَّبِيَّ مِنْ
جَوَانِبِهِ وَالْعَيْنُ لِلْبُعْدِ تَرْتَمِي

أَجَازَهُمَا الْخِرِّيتُ أَسْفَلَ مَكَّةٍ
فَأَسْفَلَ مِنْ عَسْفَانَ خِيفَةَ مِغْشَمِ

 فَمَرّا بِكُوخَيْ أُمِّ مَعْبَدِ نِ الَّتِي
تَجُودُ عَلَى سَفْرٍ بِشَرْبٍ وَمَطْعَمٍ

فَقَالَ لَهَا هَلْ عِنْدَكِ الآنَ حَسْوَةٌ
مِنَ الدَّرِّ قَالَتْ لَا فَإِنْ تَكُ نُطْعِمِ

وَكَانَ بِكِسْرِ الْكُوخِ شَاةٌ تَخَلَّفَتْ
عَنِ الشَّاءِ مِنْ جَهدٍ بِهَا وَتَوَصُّمِ

فَقَالَ لَهَا فِي حَلْبِ تِلْكَ ائْذَنِي لَنَا
فَقَالَتْ نَعَمْ إِنْ دَرّتِ الشَّاةُ فَاغْنَمِ

فَقَامَ رَسُولُ اللهِ يَسْمَحُ ضَرْعَهَا
وَيَتْلُو عَلَيْهِ اسْمِ الإِلَهِ  الْمُعَظَّمِ

فَأَبْعَدَتِ الفَخْذَيْنِ عَنْ عِظْمِ ضَرْعِهَا
فَجَادَتْ بِدَرِّ لِلْمَحَالِبِ مُفْعِمِ

فَأَبْقَى لَدَيْهَا بَعْدَ شُرْبِ جَمِيعِهِمْ
لِصَاحِبِهَا كَأْسًا بِهَا الدَّرُّ لِلْفَمِ

فَوَدَّعَهَا كُلٌّ وَغَابُوا وَلَمْ يَبِنْ
لَهَا أَنَّهُمْ مَنْ هُمْ وَلَمْ تَتَهَمِّمِ

فَلَمَّا أَتَاهَا الزَّوْجُ اسْقَتْ وَأَخْبَرَتْ
بِقِصَّتِهِمْ وَصَّافَةً بِالتَّوَسُّمِ

وَقَدْ بَالَغَتْ فِي وَصْفِهَا الْمُصْطَفَى لَهُ 
بِكُلِّ جَمِيلٍ مِنْ بَهَاءِ وَمَكْرُمِ

يَفِيضُ بِأَنْوَاعِ الْبَلَاغَةٍ قَوْلُهَا
وَيَجْمَعُ أَوْصَافَ النَّبِيِّ الْمُكَرَّمِ  

 وَسُبْحَانُ عَيٌّ عَنْ فَصَاحَةِ لَفْظِهَا
وَكَعْبٌ فَشِيلٌ عِنْدَهَا فِي التَّكَلُّمِ

وَكَانَ اقْتَفَى إِثْرَ النَّبِيِّ سُرَاقَةٌ
عَلَى فَرَسٍ سَبَّاقَةً كُلَّ مُلْجَمٍ

مُرِيدًا لِلاسْتِبْدَادِ مِنْ دُونِ شِرْكَةٍ
بِمَا وَعَدَ الْكُفَّارُ آخِذَهُ الْكَمِي

فَكَادَ يَمُسُّ الْمُصْطَفَى بِبَنَانِهِ
وَأَيْقَنَ أَنْ قَدْ جَاءَهُ الحَظُّ يَنْتَمِي

فَسَاخَتْ يَدَاهَا سَوْخَةً فِي مَمَرِّهَا
إِلَى رُكْبَتَيْهَا فَهْوَ عَنْ تِلْكَ يَرْتَمِ

فَمِنْ بَعْدِ إِنْهَاضٍ وَزَجْرٍ جَرَتْ بِهِ
فَثَانِيَةً سَاخَتْ فَأُخْرَى كَأَعْظَمِ

فَلَمَّا دَعَاهُمْ بِالاَمَانِ وَتَابَ عَنْ
نَوَايَاهُ قَامُوا ثُمَّ قَالُوا تَكَلَّمِ

فَأَخْبَرَهُمْ  مَا دَبَّرَتْهُ وَرَائَهُ
قُرَيْشٌ فَقَالُوا أَخْفِ  عَنَّا وَكَتِّمِ

وَاِذْ عَرَضَ الزَّادَ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ
عَلَيْهِ أَبَى عَنْ أَخْذِهِ مِنْهُ فَافْهَمِ

فَعَادَ وَرَدَّ المُقْتَفِينَ وَرَائَهُ
وَقَالَ لَهُمْ مَا ثَمَّ مِنْ مُتَوَهَّمِ

تَرَاهُ صَبَاحَ الْيَوْمَ أَعْدَى عَدُوِّهِ
وَآخِرَهُ جُنْدِيَهُ اللّذْ بِهِ حُمِي 

فَمُذْ شَاعَ بَيْنَ الـْمُسْلِمِينَ بِطَيْبَةٍ
خُرُوجُ النَّبِيِّ الْمُصْطَفَى يَنْتَحِيمِ

تَهَيَّأَ لِاسْتَقْبَالِهِ كُلُّهُمْ وَقَدْ
تَسَلَّحَ خَوْفًا مِنْ تَعَرُّضِ مِغْشَمٍ

فَفِي كُلِّ يَوْمٍ فِي الصَّبَاحِ تَسَابَقُوا
إِلَى الحَرَّةِ اسْتِشْرَافَهُ بِتَلَمْلُمِ

وَكَانُوا إِذَا قَاظَ النَّهَارُ تَحَوَّلُوا
بِحُزْنٍ عَلَى أَنْ لَمْ يَجِئْهُمْ وَيَقْدَمِ

فَيَوْمَ أَتَى وَالنَّاسُ عَادُوا رَآهُ مَنْ
عَلَى أُطُمٍ فِيهَا ارْتَقَى فِعْلَ مُهْمِمِ

فَصَاحَ بَأَعْلَى صَوْتِهِ ذَا حَبِيبِكُمْ
بَنِي قِيلَةٍ قَدْ جَاءَ فَاسْتَقْبَلُوا السَّمِي

فَحَفُّوا بِهِ وَاسْقَبْلُواهُ وَرَحَّبُوا
بِهِ كُلَّ تَرْحِيبٍ يُقَالُ لِمُكْرَمٍ

بِشَهْرِ رَبِيعِ الأَوَّلِ الْمُعْتَلِى بِهِ
بِالِاثْنَيْنِ لاِثْنَي عَشْرِهِ كَاَن فَاعْلَمِ

فَمَالَ بِهِمْ ذَاتَ اليَمِينِ إِلَى قُبَا
لِيَنْزِلَ فِيهَا فِي بَنِي عَمْرِونِ الْكَمِي

وَضَيْفًا لِكُلْثُومٍ وَذَلِكَ شَيْخُهُمْ
تَلَبَّثَ أَيَّامًا بَهَا فِي تَنَعُّمٍ

وَكَانَتْ بَنُو عَمْرٍو تَقُومُ مُجِيدَةً
لِخِدْمَتِهِ وَالْعَوْنِ إِذْ قَرَّفِيهِمِ

فَأَسَّسَ فِيهَا مَسْجِدًا وَهْوَ أَوَّلٌ
بِطَيْبَةَ مِمَّا أَسَّ لِلّهِ الْأَكْرَمِ

فَمِنْ بَعْدِ أَيَّامٍ تَحَوَّلَ قَاصِدًا
مَدِينَتَهُ فِي كُلِّ قّوْمٍ وَخُدَّمٍ

 وَفِي سَيْرِهِ بِالْجُمَعَةٍ الفَرْضُ جَاءَ فِي
بَنِي سَالِمٍ مَعْ حِزْبِهِ الْمُتَلَمْلِمِ 

فَسَارَ عَلَى القَصْوَاءِ يُرْخِي زِمَامَهَا
يَقُولُ لَهُ كُلٌّ بِنَا انْزِلِ وَهَلْمُمِ

إِلَى أَنْ دَنَتْ مِنْ دُورِ أَخْوالِهِ بَنِي
عَدِيٍ فَمَالَتْ لِلْمَنَاخِ المُيَمَّمِ 

كَمَا بَرَكَتْ فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الذِّي
تَلِى فِي الْمَزَايَا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ الحَمِي

فَجَاءَ أَبُو أَيُّوبَ يَحْمِلُ رَحْلَهُ
فَأَدْخَلَهُ فِي بَيْتِهِ لِلتَّكَرُّمِ

فَإِذْ ذَاكَ قَالَ الْمَرْءُ مَعْ رَحْلِهِ فَلَمْ
يَزَلْ مَعْ أَبِي أَيُّوبَ فِي بَيْتِهِ السَّمِي

وَأَلْقَى العَصَا فِيهَا وَبَادَرَ بَانِيًا
لِمَسْجِدِهِ فِي الْمَبْرَكِ الْمُتَقَدِّمِ

وَفِي جَنْبِهِ دُوَرًا بَنَاهَا لِأَهْلِهِ
وَزَوْجَاتِهِ يَقْرَرْنَ فِيهَا وَيَسْتَمِي

وَيَوْمَ أَتَاهُمْ فِي الْمَدِينَةِ أَحْدَقُوا
بِهِ فِي ابْتِهَاجٍ بَالِغٍ وَتَبَسُّمٍ

بِأَفْئِدَةٍ بِالْحُبِّ فَيَّاضَةٍ حَفَوْا
بِهِ قَائِلِي يَا مَرْحَبًا خَيْرَ مِقْدَمِ

وَلَمْ يُرَ فِي تَارِيخِهَا مِنْ حَفَاوَةٍ
تُعَادُ لَهَا مَهْمَا يَفِدْ مِنْ مُعَظَّمِ

وَأَنْوَرَ أَيَّام عَلَى أَرْضِ طَيْبَةِ
مَضَتْ يَوْمُ إِقْبَالِ النَّبِيِّ الـْمُكَرَّمِ

وَأَكْثَرُهَا ظَلْمَاءَ يَوْمُ وَفَاتِهِ
فَأَشْدِدْ بِذَا أَحْسِنْ بِذَاكَ وَأَكْرَمِ

فَقَرَّ قَرِيرَ الْعَيْنِ فِيهَا مُكَرّمًا
وَأَنْصَارُهُ يَحْمُونَهُ كُلَّ مِغْشَمٍ

وَآخَى عَلى الْإِسْلَامِ بَيْنَ الأُولَى جَلَوْا
إِلَيْهَا وَمَنْ فِيهَا إِخَاءَ التَّرَأُّمِ

وَسَمَّى الغَرِيبِينَ الأُولَى مَعَهُ إِلْمُهَا
جِرِينَ اخْتِصَاصًا وَامْتِيَازًا بِذَا السَّمِ

 وَمَنْ آمَنُوا بِاللهِ مِنْ أَهْلِ طَيْبَةٍ 
بَنِي قِيلَةٍ أَنْصَارَهُ نِعْمَ مَنْ سُمِي

الَا إِنَّهُمْ أَوْلَادُ أَوْسٍ وَخَزْرَجٍ
بِيَثْرِبِهِمْ لَبُّوا بِأَمْنٍ وَمَنْعَمٍ

فَشَبَّتْ حُرُوبٌ بَيْنَهُمْ طُلْنَ أَزْمُنَا
كَحَرْبٍ سَمِيرٍ مَعْ بُعَاثِ الْعَرَمْرَمِ

فَبِالْمُصْطَفَى الرَّحْمَنُ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ
وَأَذْهَبَ آثَارَ التَّعَادِي الْمُضَرَّمِ

وأَصْلَحَ إِحْسَانًا بِهِمْ ذَاتَ بَيْنَهُمْ
وَطَهَّرَهُمْ عَنْ كُلِّ خَلْقٍ مُذَمَّمٍ  

وَكَانُو عَلَى جَرْفٍ مِنْ النَّارِ تَلْتَظِي
فَلَوْلَاهُ كَانُوا وُقَّعًا فِي جَهَنَّمٍ

فَهُمْ أَصْبَحُوا مِنْ نِعْمَةِ اللهِ إِخْوَةً
أَخِلَّاءَ جُنْدًا لِلنَّبِيِّ الْمُكَرَّمِ

حَبَسْتُ جَوَادَ الْقَوْلِ عَنْ سَيْلِ سَيْرِهِ
لِمَا بَعْدَ هَذَا خَوْفَ طُولِ المُنَظَّمِ

فَهَاكَ كِتَابًا فِيهِ هَدْيُ النَّبِيِّ مِنْ
نُبُوَّتِهِ حَتَّى المَدِينَةِ وَالْزَمِ

أَخَذْتُ مِنَ الْكُتُبِ الصَّحِيحَةَ أَصْلُهُ
وَأَخْرَجْتُهُ نَظْمًا قَرِيبَ التَّفَهُّمِ

وَبَالَغْتُ فِي تِسْهِيلِ أَلْفَاظِهِ وَقَدْ
تَرَى فِيهِ مَا تَحْتَاجُ فِيهِ لِمُعْجَمِ

وَحَرَّرْتُ قَوْلِي حَاذِفًا لِزَوَائِدٍ 
وَجَنَّبْتُ نَظْمِي كُلَّ قَوْلٍ مُرَجَّمِ

وَمَا قُلْتُهُ فِي الْعَدْلِ بِاللَّذْ طَوَيْتُهُ
مِنَ الْهَدْيِ بَرْضٌ مِنْ فَوَائِضَ هَيْقَمٍ

وَاِيعَابُ هَدْيِ الْمُصْطَفَى وَخِصَالُهُ
عَسِيرٌ فَمَنْ يَقْوَى عَلَى حَصْرِ الْأَنْجُمِ

وَسَبْكُ كَلَامُ الْمُصْطَفَى فِي الْقَصِيدِ
لَا يَتِمُّ لِعُرْبِيٍّ فَكَيْفَ لِأَعْجَمِي

عَلَى أَنَّنِي مِنْ قَاصِرِي الْفَهْمِ وَالذَّكَا
وَمِنْ خَامِدِي الْأَذْهَانِ مِنْ قِلَّةِ الدَّمِ

فَعُذْرِي فِي بَعْضِ التَّقَاصِيرِ ظَاهِرٌ
لِكُلٍّ وَمَقْبُولٌ لَدَى كُلِّ صَيْرَمِ

وَلَمْ يَكُ عِنْدِي اْذ تَصَدَّيْتُ عُدَّةٌ
سِوَى ثِقَتِي وَاللَّوذِ بِاللهِ الْأَرْحَمِ

فَحَمْدِي وَشُكْرِي لِلْإِلَهِ مُوَفِّقِي
لِإلْحَامِ مَا أَسْدَيْتُهُ غَيْرَ مُسْأَمٍ

وَأَزْكَى صَلَاةٍ مَعْ سَلَامٍ عَلَى الّذِي
عَلَى هَدْيِهِ تَأْسِيسُ هَذَا الْمُنَظَّمِ

رَسُولُ الإِلَهِ الْمُصْطَفَى أَشْرَفُ الْوَرَى
مُحَمَّدُ نِ الْمُخْتَارُ مِنْ فِهْرِ نِ السَّمِي

وَعِتْرَتِهِ الْأَطْهَارِ وَالصَّحْبِ كُلِّهِمْ
وَأَتْبَاعِهِمْ بِالبِرِّ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ 

تضرع الشاعر إلى الله القاهر
بِفَضْلِكَ زِدْنِي رَبِّ عِلْمًا وَحِكْمَةً
وَعَقْلًا وَفَهْمًا وَاعْتِنَاءً بِمَكْرُمِ

وَأَرْشِدْنِي اللّهُمَّ لِلْإِقْتِدَاءِ فِي
جَمِيعِ أُمُورِي بِالنَّبِيِّ الْمُكَرَّمِ

وَحَقِّقْ لِي اللَّهُمَّ كُلَّ مَطَالِبِي
وَيَسِّرْ لِيَ اللَّهُمَّ رُشْدِي وَأَلْهِمِ

وَمِنْ فَضْلِكَ اللَّهُمَّ رَبِّي وَارْحَمِي
عَلَيَّ أَفِضْ وَالْطُفْ بِعَبْدِكَ وَارْحَمِ

وَوَسِّعْ لِي اللَّهُمَّ رِزْقِي وَأَغْنِنِي
بِخَيْرٍ وَجَنِّبْنِي اقْتِرَافَ مُحَرَّمِ

وَأَصْلَحْ لِيَ اللَّهُمَّ شَأْنِي وَلَا تَكِلْ
أُمُورِي إِلَى نَفْسِي العَصِيَّةِ وَاعْصِمِ

وَبَارِكْ لِي اللَّهُمَّ فِيمَا رَزَقْتَنِي
وَهَبْ لِي بِفَضْلٍ مِنْكَ أَنْوَاعَ أَنْعُمِ

وَصَحِّحْ لِيَ اللَّهُمَّ جِسْمِي وَعَافِنِي
وَمِنْ سَيِّءِ الْأَسْقَامِ يَارَبِّ سَلِّمِ

وَأَبْقِ لِي الخَمْسَ الْحَوَاسَ صَحِيحَةً
إِلَى الْمَوْتِ مَتِّعْنِي بِهِنَّ وَنَعِّمِ

 بَرَحْمَتِكَ اللَّهُمَّ أَمْرَاضِيَ اشْفِهَا
وَكُرْبَاتِيَ اكْشِفْ وَاحْمِنِي كُلَّ مُوكِمِ

وَطَوِّلْ لِيَ اللَّهُمَّ عُمْرِي مُوَفَّقًا
لِذِكْرِكَ فِي الآنَاءِ دُونَ تَبَرُّمِ

أَعُوذُ بِكَ اللَّهُمَّ مِنْ شَرِّ كُلِّ مَا
خَلَقْتَ وَشَرِّ الْحَاسِدِ الْمُتَوَغِّمِ

وَشَرِّ الدُّجَى اللَّهُمَّ وَالسَّاحِرِينَ وَالْ
سَوَاحِرَ وَالْكُفَّارِ مِنْ كُلِّ أَظْلُمِ

وَمِنْ شَرِّ إِبْلِيس اللّعِينِ وَجُنْدِهِ
وَأَشْبَاهَهُمْ مِنْ كُلِّ بَاغٍ وُمُجْرِمٍ

وَأَسْئَلُكَ اللَّهُمَّ مِنْكَ حِمَايَةً
مِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ وَ البُوءِ كَالْعَمِى

وَأَشْكُو لَكَ اللَّهُمَّ ضُعْفِي وَذِلَّتِي
هَوَانِي عَلَي عَصْرِي فَقَوِّ وَكَرِّمِ

 قَدَ انْقَطَعَ اللَّهُمَّ مِنْ غَيْرِكَ الرَّجَا
فَادْرِكْنِي اللَّهُمَّ وَارْحَمْ وَأَنْعِمِ

وَلَا تُزِغِ اللَّهُمَّ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ
هَدَيْتَ وَقُدْ نَفْسِي إِلَي كُلِّ مَكْرُمِ

وَوَفِّقْنِي اللَّهُمَّ لِلصَّالِحَاتِ فِي
حَيَاتِي وَعِنْدَ الْمَوْتِ بِالصَّالِحِ اخْتِمِ

وَأَصْلِحْ لِيَ اللَّهُمَّ آخِرَتِي الَّتِي
إِلَيْهَا رُجُوعِي وَاحْبُنِي دَارَ مُنْعَمِ

وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاغْفِرَنْ
ذُنُوبِي وَجَنِّبْنِي عَذَابَ جَهَنَّمِ

وَأَوْزِعْنِي اللَّهُمَّ أَنْ أَشْكُرَ الَّتِي
عَلَيَّ بِهَا أَنْعَمْتَ وَالْفَضْلِ أَتْمِمِ

وَأَشْرِبِنِي اللَّهُمَّ فِي الْقَلْبِ حُبِّ مَا
تُحِبُّ وَكَرِّهْ كُلَّ غَيٍ وَمَأْثَمٍ

وَثَبِّتْ عَلَى حُبِّ النَّبِيِّ وَهَدْيِهِ
فُوَادِي وَأَتْبِعْنِي هُدَاهُ وَأَلْزِمِ 

وَهَبْ لِي مِنَ الْأَوْلَادِ وَالْأَهْلِ قُرَّةً
لِعَيْنِي وَثَبِّتْهُمْ عَلَى النَّهْجِ الْأَقْوَمِ

وَلِلْوَالِدَيْنِ اغْفِرْ وَمُنَّ عَلَيْهِمَا
بِرِضْوَانِكَ اللَّهُمَّ وَارْحَمْ وَأَكْرِمِ

وَبَاقِي أُصُولِي وَالْأَسَاتِذِ كُلِّهِمْ
وَمَنْ أَسْعَفُوانِي عِنْدَ كَرْبِي وَمَطْعَمِي

وَمَنْ سَاعَدُونِي فِي الْخَلِيجِ عَلَى قَضَا
حَوَائِجَ إِذْ وَافَيْتُهُمْ بِتَكَرُّمِ

وَلِلْأَخِ عَنِّي آنِفًا مَاتَ وَاحْبُهُ
حُبُورًا وَوَسِّعْ قَبْرَهُ رَبِّ وَارْحَمِ

وَلِلْأَقْرِبَا وَالْأَصْدِقَاءِ جَمِيعِهِمْ
وَزَوْجِي وَأَحْبَابِي وَوُلْدِي وَخُدَّمِي

وَأَدْخِلْ جَمِيعًا فِي الْجِنَانِ وَنَجِّهِمْ
مِنَ النَّارِ يَا رَحْمَانُ رَبِّي وَسَلِّمِ

إِلَى وَجْهِكَ اللَّهُمَّ كَفَّ ضَرَاعَتِي
مَدَدْتُ فَلَا تَقْطَعْ رَجَائِي وَتَحْرَمِ

فَمَنْ لِي إِذَا خَيَّبَتْنِي رَبِّ فَاسْتَجِبْ
دُعَائِي وَبِالْخَيْرَاتِ يَا رَبِّ  تَمِّمِ.


مواضيع ذات صلة
الأماديح,

إرسال تعليق

0 تعليقات