ادعمنا بالإعجاب

تطور الأدب العربي الصوفي في الهند. الحلقة الأولى


البروفيسور الدكتورة مه جبين أختر*
إن التصوف هو سمة سائدة في المجتمع الإسلامي بأجمعه منذ أن ظهر في صورة رسمية أكادمية  إلى يومنا هذ،،،،، وهو نزعة خيرية فاشية وجزء لا يتجزء من الأمة المحمدية،،فالتصوف في الهند قد لاق قبولا حسنا بالغا مديدا على ممر العصور,, حيث أقبل الناس والعلماء إقبالا لم يُعرف في أي بلاد وأطالوا إسهاماتهم في إثراء التصوف الإسلامي  ،،،فازدهر إزدهارا لم يُر مثيله بين الأقوام..حيث تنوع مشربه وتلون جذوره وتشعب ممشاه،،


إن خدمات الصوفية ودعواتهم الدينية في الهند تتجلى في مجالات العلم والأدب والاجتماع والثقافة، فقد خلفوا في اللغة العربية مؤلفات قيمة، بالإضافة إلى الكتب في اللغات المحلية، وهي تشتمل على النثر والشعر، والكلام المأثور والرسائل والأو راق، وتدور كلها حول التصوف وتهدف إلى تربية النفس واصلاح المجتمع ونشر الدين الإسلامي.

ولا شك في أن جميع الجهود الأدبية للصوفية في الهند ليس سوى جمع البحر في كوزة، وبالرغم من ذلك فنقدم هنا محاولة مبدئية في ضوء بعض مؤلفاتهم. بدأ المفكرون الهنود الكتابة باللغة العربية في حين قد تم قبل ذلك تأليف بعض الكتب القيمة في التصوف أمثال "اللمعة" للشيخ أبي نصر، و"الرسالةالقشيرية" للقشيري المتوفى عام 465 ه 1073 م، و"عوارف المعارف "  لشهاب الدين السهروردى المتوفى عام 638 ه/ 1234 م، و"فصوص الحكم" لابن العربي المتوفى عام 638 ه/ 1240 م وغير ذلك وقد أخذ التصوف طابعا واضحا مما اختاره الصوفية الهنود كصوفية البلاد الأخرى، فكل ما ألف باللغة العربية من كتب في التصوف في الهند والباكستان كان أسلوبها كأسلوب الكتب القديمة، وتكررت فيها الموضوعات السابقة والمعروفة .
يرجح المؤرخون في ضوء دراسة موضوعية أن الفلسفة الإسلامية قد دخلت الهند بصورة متكاملة، ثم لم تقبل عناصر الفلسفة الويدية أو أي فلسفة هندية أخرى. فكل ما كتب في الهند حول التصوف لايختلف شيء منه عن تصوف العصر المبدئي الذي جاء به المسلمون إلى الهند .
ومن أهم المؤلفات في التصوف وما يتعلق به باللغة العربية قد يذكر على النحو التالي:
            1- لوائح الأنوار في الرد على من أنكر على العارفين من لطائف الأسرار، للمؤلف سراج الدين عمر بن إسحاق :
ألف هذا الكتاب سراج الدين عمر بن إسحاق في شكل جواب وسؤال وجّه
إليه: هل يحكم على صوفي بالمعصية أحط منزلة ليلة القدر من ليلة التجلى في الأبيات التالية :
تجلى بأوصاف الجمال فشاهدت                         عيون قلوب ما به جاء ذوالفكر
فيا ليلة فيها    السعادات أملتي                             لقد صغرت في جبتها ليلة القدر
بدأ المؤلف هذا الكتاب بالحمد لله و النعت للنبي صلي الله عليه وسلم ثم قام بدراسة تفصيلية عن المعرفة و أصدر الحكم في حق الصوفي.
2. القول الجميل في بيان سواء السبيل، للشاه ولي الله:
ألف هذا الكتاب الشيخ المعروف الشاه ولي الله الدهلوي، و هو مقسم علي عدة أبواب: الباب الأول في حقيقة البيعة و بيان الروح. و الباب الثاني في بيان المدارج المختلفة للسالكين، و الباب الثالث والرابع والخامس يشتمل على بيان الأعمال والمعمولات لطرق الصوفية المختلفة من القادرية و الجشتية والنقشبندية، والباب  السادس في بيان أهمية الانتساب إلي المرشد.
يجدر بنا أن نستعرض مجملا تلك الموضوعات الهامة التي اعتنى الكتاب بد ا رستها.
أول ما ألقى عليه المؤلف النظر هو بداية البيعة، فكتب أن البيعة في أ وائل عصر الإسلام كانت على خمسة أقسام؛ البيعة على إطاعة الخليفة على سبيل السياسة، والبيعة عند قبول الإسلام اولبيعة عند الهجرة، والبيعة على الثبات في الجهاد، والبيعة على التعاهد على قضاء الحياة الدينية الصالحة.
بعد بيان هذه الأقسام قرر المؤلف القسم الأخير م ا ردفا للطريقة و سنة لما ثبت بالأحاديث الموثوقة أن النبي صلي الله عليه وسلم أخذ البيعة من المسلمين اولمسلمات في بعض المناسبات، و جاء مثل هذه البيعة في القرآن الكريم أيضا. ثم استدل على فائدة البيعة في الطريقة بحقيقة نفسية و هي: إن نصح رجلا عديد من الناس بموعظة واحدة اختلف أثرها حسب اختلاف الناصحين، فإن كان الناصح شخصية عظيمة كان تأثيرا لموعظة على السامع أقوى و أ وقع.
قرر الشاه ولي الله للمرشد خمسة شروط: الأول أن يكون مطلعا جيدا على التعاليم الإسلامية، والثاني أن يكون ملتزما قويا بالعدل والتقوى، والثالث أن يكون فعلويا أمام المصالح الدنيوية، وال ا ربع أن يقوم بتوجيه مريدية وفقا للأوامر والنواهي الشرعية، والخامس أن يكون قد تربى على يد مرشد كبير.
كما قرر المؤلف للمريدين أيضا بعض الشروط وأهمها أن يكون المريد عاقلا وبالغا ويثق ثقة قوية بمن يجعله مرشدا له .
ثم بين المؤلف كيفية البيعة فقال: يمسك المرشد يد المريد بيده ويقرئه كلمة الشهادتين، ثم يكلفه بالتوبة عن المعاصي السابقة، ويأخذ العهد منه بأنه يجتنب المعاصي في المستقبل قدر ما يمكن. وأخيرا ذكر المؤلف أعمال الصوفية بهذا الصدد، تلك التي كان نفسه على صلة بها.
يعد الشاه ولي الله من كبار المحدثين في عصره، وكتابه هذا يعتبر ثقة في موضوعه .
3-إرشاد الطالبين وتأييد المريدين، للقاضي ثناء الله الباني بتي:
ألف هذا الكتاب القاضي ثناء الله الباني بتي، وقسمه على ستة أجزاء سمى كل جزء باسم الكتاب، وموضوع كل كتاب على النحو التالي :
الكتاب الأول : الولاية
الكتاب الثانى : واجبات المريدين
الكتاب الثالث : واجبات المرشدين
الكتاب الرابع : التطور الروحاني والحصول على الولاية
الكتاب الخامس: المدارج المختلفة للتقرب إلى الله
الكتاب السادس: فضائل وصفات كبار الأولياء )كالشيخ عبد القادر الجيلاني، والشيخ بهاء الدين النقشبندي، والشيخ السيد أحمد السرهندي مجدد الألف الثاني، وابنه ومرشد المؤلف الشيخ مرزا جان جانان(.
ثم وزع كل كتاب من هذه الكتب على عدة أبواب جاء فيها بيان ما يتعلق بالتصوف من الموضوعات بأسلوب مفيد وممتع .
كان المؤلف عالما كبيرا في عصره ، فاحتل كتابه هذا الثقة لدى المتدينين.
4-التحفة المرسلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، للشيخ محمد بن فضل الله:
قام بتأليف هذا الكتاب الشيخ محمد بن فضل الله (   1029  هـ-1620م) الذي كان مريدا للصوفي والعالم الشيخ وجيه الدين الكُجْرَاتِي. يدور هذا الكتاب حول موضوع وحدة الوجود، فيرى المؤلف أن الوجود هو الله عز وجل، وهذا الوجود وان كان واحدا إلا أنه يتجلى في ص ور مختلفة، وهذا الوجود هو أصل جميع الموجودات، ومن هذه الجهة لاينكشف هذا الوجود على أحد ولا يحيطه الذهن.
ولهذا الوجود سبعة مدارج على النحو التالي:
الدرجة الأولى  الوجود المطلق، ويعني الوجود الحر عن التقيد والصفات،
وتسمى هذه الدرجة درجة الأحدية والحقيقة الحقة.
والدرجة الثانية  درجة التقيد الأول، وهو يعنى المعرفة الإجمالية عن ذات ذلك الوجود  وصفاته  وجميع المخلوقات المستقبلية، وتسمى هذه الدرجة درجة الوحدة، وهي الحقيقة المحمدية .
والدرجة الثالثة درجة التقيد الثاني، ويعنى ذلك ويهدف المعرفة التفصيلية عن ذات ذلك الوجود وصفاته الكائنات. وتسمى هذه الدرجة الواحدية وهي الحقيقة  الإنسانية. وهذه الدرجات الثلاثة تعتبر أبدية.
والدرجة الرابعة درجة الأرواح، وهي الأشياء المفردة والمجردة .
والدرجة الخامسة عالم المثال، وتعنى الأشياء المركبة اللطيفية التي لايمكن تقسيمها.
والدرجة السادسة عالم الأمثال، وتعنى الأشياء المركبة المادية التي تقبل التقسيم .
والدرجة السابعة هي خلاصة المدارج السابقة، وهو آخر تقسيم يعبر عن الإنسان.
والجدير بالذكر أن أسماء المدارج الثلاثة الأولى مشتقة من مصدر واحد وهو الأحد، ولا تختلف معانيها في اللغة من حيث اللفظ، إلا أن المؤلف حيث بينها استعملها في أسلوب يبدي الفروق المعنوية بينها، وكذا الحال في الدرجة الخامسة والسادسة يعنى الترادف الظاهر بين عالم المثال وعالم الأمثال في حين يريد الفرق بينها معنى.
كتب المؤلف أن هذا الوجود أي وجود الخالق ليس متصلا بالمخلوقات ولامنفصلا عنها ولامشتملا عليها، والا فينتج كثرة الوجود. ثم إن الكائنات وما فيها كلها عرض، والجوهر هو وجود الخالق وحده . والقول بأن الخالق جوهر يخالف نظرية الأشاعرة بأن الخالق ليس جوهرا ولا عرضا. ثم قسم المؤلف القائلين بنظرية وحدة الوجود على ثلاث طبقات:
الطبقة الأولى:  تؤمن بأن الخالق هو حقيقة جميع المخلوقات، ولكنها لاترى الخالق في المخلوقات،
 والطبقة الثانية:  هي التي ترى الخالق في المخلوقات ولكن لاترى المخلوقات في الخالق،
والطبقة الثالثة:  ترى الخالق في المخلوقات، والمخلوقات في الخالق، وأدرج المؤلف في هذه الطبقة الأخيرة الأنبياء والأقطاب .
وفي الأخير استدل المؤلف على ثبوت وحدة الوجود بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي نذكرها فيما يلي مما يوضح كيفية استدلال المؤلف بالقرآن والحديث على تأييد نظرية وحدة الوجود .
)ألف ( الآيات القرآنية:
قوله تعالى : "لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ "
يعنى أن المشرق والمغرب كله لله .
وقوله تعالى : " فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ "
معناه : أينما تتوجهوا فهناك ذات الله موجود
وقوله تعالى : "نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ "
معناه : نحن أقرب إلى الانسان من حبله الوريد
وقوله تعالى : " وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ "
معناه : أينما كنتم يكون الخالق معكم
وقوله تعالى : " هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ "
معناه : الله هو الأول وهوالآخر وهوالظاهر وهوالباطن
)ب( الأحاديث النبوية:
            1 . قوله صلى الله عليه وسلم: " إن أحدكم إذا قام إلى الصلاة فإنما يناجى
ربه ، فإن ربه بينه وبين قلبه "
معناه: إذا قام أحدكم للصلاة فهو في الأصل يناجى ربه، لأن ربه يكون بينه وبين قلبه.
            .2 .وقوله صلى الله عليه وسلم: "ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به"
يعني لا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أصير أحبه فإذا أحببته أصبحت سمعه الذي يسمع به، وأصبحت بصره الذي يبصر به.
بعد النظر في هذه الدلائل النقلية بدأ يظهر الشك في أ ري من يرى أن نظرية وحدة الوجود دخلت في الإسلام بالعوامل الخارجية، ويفهم حاليا أنه لو سد على الإسلام أبواب التأثير الخارجي كليا لوجدت أيضا نظرية وحدة الوجود في الإسلام.
ومما يدل على أهمية هذا الكتاب أنها ألفت ثلاثة شروح له.
            -4 عقائد الموحدين، للشيخ عبد الكريم بن محمد اللاهورى:
قام بتأليف هذا الكتاب الشيخ عبد الكريم بن محمد اللاهوري الذي كان مريدا للشيخ نظام الدين البلخي، وكان عالما صوفيا مرتبطا بالسلسلة الجشتية، كما ألف عدة كتب أيضا في التصوف. يمتاز هذا الكتاب بأسلوب علم الكلام فجاء فيه بيان مذاهب الصوفية بأسلوب المتكلمين، وكان تقسيم الكتاب على تسعة أبواب تالية:
الباب الأول               في بيان الرياء .
والباب الثانى            في بيان الإرتداد .
والباب الثالث          في بيان المرشد .
والباب الرابع                        في بيان المريد .
والباب الخامس       في بيان علاقة المريد بالمرشد الروحانى .
والباب السادس      في بيان المحبة والإخلاص .
والباب السابع          في الوجود والعدم .
والباب الثامن           في بيان الذكر .
والباب التاسع          في وحدة الوجود .
كان المؤلف من مؤيدي وحدة الوجود بكل شدة ، واستدل على تأييد نظريته بدليل عقلى، وهو أن الله منزه عن الحد والنهاية، ويعنى ذلك أنه لايخلو شىء عنه، والا فيلزم القول بأن الله محدود في الأشياء، وهي موجودة تلقائيا. كما أن المؤلف استدل على نظريته بالحديث الذي قال صلى الله عليه وسلم فيه: "كان الله في الأزل ولم يكن معه شىء وهو الآن على ما كان".
             -6أنفاس الخواص ، للشيخ محب الله إله آبادي:
ألف هذا الكتاب الشيخ محب الله إله آبادي، وكان تأليفه على منهج الكتاب الشهير " فصوص الحكم " للصوفي المعروف ابن العربي. وهذا الكتاب موزع على واحد وثمانين جزء باسم الأنفاس، وسمى كل نفس باسم نبي أو ولي يشتمل هذا النفس على التأويل الباطني لتعليماته وسيرته.
بدأ الكتاب بالنفس الأحمدي، وسمى هذا على اسم الحقيقة الأحمدية ، ثم جاء بيان أنفاس الأنبياء بدءً من آدم عليه السلام ثم نوح واب ا رهيم عليهما السلام إلى آخر الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم بأسماء الأنبياء المختلفة، ثم جاءت الأنفاس المنتسبة إلى الخلفاء ال ا رشدين الأربعة. ثم يبدأ بعد المقامات المتنوعة أنفاس الأولياء والمعروفين، وآخرنفس من هذه الأنفاس هو باسم مرشد المؤلف أبي سعيد بن نور بن علي بن عبد القدوس.
وجاء فيما يتعلق بأنفاس الأنبياء تلك الأقوال التي ذكرت في القرآن. فبدأ على سبيل المثال نفس آدم عليه السلام بقول: " وقال أبو البشر آدم صفي الله ربنا ظلمنا أنفسنا " وهكذا نفس إدريس عليه السلام بدأ ب " قال إدريس عليه السلام سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله "، وجاء في نفس نوح عليه السلام: " قال نوح لقومه يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره".
يشتمل هذا الكتاب كفصوص الحكم من البداية إلى النهاية على المباحث المقصودة والأفكار الوجدانية ، ويؤيد صراحة نظرية وحدة الوجود .
            7- التسوية بين الإفادة والقبول، لمحب الله إله آبادي:
ألف هذا الكتاب أيضا الشيخ محب الله إله آبادي، وهو رسالة موجزة تشتمل على مبحث فلسفي حاول فيه المؤلف إثبات عدم المغايرة بين الخالق والمخلوق، ثم كتب فلسفي هندي معروف معاصر للمؤلف ملا محمود جونفوري رسالة في الرد على هذه الرسالة، ثم رد على هذه الرسالة تلميذ محب الله وهو حبيب الله.
يدل على أهمية هذا الكتاب ما جاء عدة شروح له، منها ما كتب العالم الشهير الشيخ أمان الله بنارسي الذي كان زميل المؤلف في الدرس، كما كتب مولوي عبد الحليم اللكنوي بعض الحواشي على هذا الكتاب.
            8- المغالط العامة ، للشيخ محب الله إله آبادي:
ألف هذا الكتاب أيضا الشيخ محب الله إله آبادي، وهو ضخم يشتمل على باب واحد ومائة وأربعة وستين فصلا، وأما مقدمة الكتاب فهو ككتاب مستقل عنوانها "إعانة الإخوان" وقسمت على خمسة عشر بابا، كتب المؤلف فيها أنه بيّن أمام الناس آراءه وعقائده في التصوف طلبوا منه أن يكشف عن أغلاط من ابتعدوا عن الحقيقة في هذه العقائد المتصوفة فقام المؤلف بتأليف هذا الكتاب.
9-عقائد الخواص، للشيخ محب الله إله آبادي:
هذا الكتاب أيضا من تأليف الشيخ محب الله إله آبادي . وكما يبدو من اسم الكتاب جاء فيه تفصيل عقائد العلماء والصوفية، وكان تقسيم الكتاب على واحد وثلاثين جزء، وسميت هذه الأجزاء باسم "الدقائق" بيّن فيها التأويلات الصوفية والتصريحات الباطنية للموضوعات الدينية من صفات الله، والفرائض الدينية، والجزاء  والعقاب، والأوامر والنواهي، والأعمال الإنسانية، والمشية الإلهية والنبوة، والملائكة، والحشر، والروح والإيمان، والرحمة، وعذاب القبر، والإمامة وما إلى ذلك . وقال المؤلف في هذا الكتاب إنه حيث اشتمل على الدقائق يمكن أن يسمى أيضا " دقائق العرفاء ".
10- هداية الأذكياء إلى طريق الأولياء، لزين الدين بن على المعبري:
هذه الرسالة منظومة قام بتأليفها الشيخ زين الدين بن علي المعبري، وهو جد زين الدين بن عبد العزيز. احتلت هذه الرسالة المنظومة مكانة هامة في الأوساط العلمية فكتب شرحها عالمان أحدهما أبوبكر المكى والعالم الثانى الشيخ نوادي من جاوا.
جاء في أحد هذين الشرحين أن زين الدين كان لايستطيع أن يحسم في مطالعة العلوم الشرعية أو التعمق في التصوف، فأرى مرة في المنام رجلا قال له أن يؤثر التصوف على العلوم الأخرى فكتب في الصباح المباشر هذه الرسالة المنظومة التي تشتمل على مائة وثمانين شعارا، وكانت هذه الأشعار بأسلوب القصيدة في البحر الكامل.
بدأ المؤلف هذه الرسالة المنظومة بالحمد لله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بين أن التقوى هو منبع المسرة الحقيقة وسبيل النجاة،  والوصول إلى الهدف ووسيلة اختيار الشريعة والطريقة والحقيقة.
بين المؤلف هذه النظرية بصورة التمثيل، ويعنى ذلك أن الشريعة مثل السفينة، والطريقة مثل البحر، والحقيقة مثل الدر، فمن أراد الحصول على الدر فعليه أن يركب السفينة ويغوص البحر. ثم ذكر المؤلف بعض الصفات المتنوعة كالتوبة والقناعة والإخلاص والتوكل وضبط النفس وغيرها، و أرى أنها لازمة للوصول إلى الحقيقة. ونذكر هنا بعض الأشعار مما يدل على أهميتها ومكانتها المتميزة:
الحمد لله المفوق للعلا                               حمدا يوافي برّه المتكاملا
تقوى الإله مدار كل سعادة                       وتباع أهوا رأس شرّ حائلا
   وقال مشجعا الناس على التمسك بالورع والعزيمة للوصول إلى السعادة الأبدية:
              من رام دراً للسفينة يركبل                        ويغوص بحرا ثم درا حصلا
  ثم يقول في التوبة:
      أطلب متابا بالندامـة مـقلعــا                       وبعزم ترك الذنب فيـمـا اسـتقـبلا
               وبـراءة مـن كـل حق الآدمي                             ولهـذه الأركـان فَـارْع وكـمـلا
              وأقـم دوامـا بالمـحاسبة الـتي                            تنـهـاك تـقـصيرا جرى وتساهلا
   وبحفـظ عـين واللسان وسائر الأعضا            جميعا فأجـهدن ولا تـكـسلا
ويقول في التوكل:
          أما المعيل فلا يـجوز قـعـوده.                       عـن مـكسـب لعـيـاله متوكـلا
       لا تبذلن للناس عرضك طـامعـا                 في ما لهـم أو جـاهـهـم متـذلـلا
وفي الإخلاص:
أخلص وذا أن لا تريد بـطاعـة.                   إلاّ التـقـرب مـن إلـهك ذي العلا
          لا تقصدن معه إلى غـرض الدنـا                كثنـائهم أو نـحـو ذاك توصـلا
          عمل لأجـل النـاس شرك تركه                    للناس ذاك هـو الريـاء سـبـهللا
11- الجواهر الخمسة، لمحمد خطير الدين، ترجمه صبغة الله:
أصل الكتاب كان باللغة الفارسية ، ألفه محمد بن خطير الدين المعروف بغوث الكواليارى، ثم نقله إلى اللغة العربية مريد مريده صبغة الله الذي كان من سكان بروتش بمنطقة غُجْرَات.
كتب الدكتور لوث الذي كان مرتبا لفهرس المخطوطات العربية في  أن هذا الكتاب ألفه باللغة العربية ،(Indian Office)  مكتبة المكتب الهندي المؤلف نفسه . ولكن أ ريه غير صحيح ، فالمترجم كتب أثناء بيان نسب المؤلف : أنه كان مرشدا لوجيه الدين وأنا مريده، مما يدل على أن المترجم والمؤلف شخصيتان مختلفتان. ويرى لوث أن ذلك الكتاب نسخة مريد المؤلف ، فيرى أن النص السابق من ناسخ الكتاب . ولكن لوث يخطئ هنا فمخطوطة أخرى لهذا الكتاب في مكتبة برلن وهي من ناسخ آخر يوجد فيها نفس النص المذكور مما يدل على أنه ليس زيادة من الناسخ بل هو من المترجم ، بالإضافة إلى قول الآخرين أيضا بأن صبغة الله هو الذي ترجم هذا الكتاب باللغة العربية .
هذا الكتاب مقسم على خمسة أج ا زء سميت بالجواهر، جاء فيها بيان كيفية
التطور التدريجى للصوفي، فالجزء الأول يتعلق بالأعمال المتنوعة للرياضة والعبادة، والجزء الثانى يتناول المدارج العليا للرياضة، والجزء الثالث وهو أهم أجزاء يبين طرق الرياضة أخذا من أسماء الله تعالى هي تسعة وتسعون اسما. وهذا البيان بأسلوب خاص متصوف لايفهمه إلا من له د ارية بالأدب الصوفي وعلم النجوم، لأنه يبحث مع بيان قواعد ال رياضة عن أمور هامة في علم النجوم.
ويمكن أن نقول إن هذا نتيجة التأثير الهندي في التصوف الإسلامي لما لايوجد أصلا أي علاقة بين علم النجوم والتصوف. وجاء فيما يتعلق بأنواع الرياضة المختلفة هذه أنها مرتبطة بدو ا رن الكواكب، فقيل على سبيل المثال عن رياضة خاصة أنها تؤثر إذا كانت في وقت يكون كوكب فلاني في مكان خاص.
والجزءالرابع يتحدث عن طرق وأعمال التربية الروحية في السلسلة الشطارية، وكان المؤلف نفسه من هذه السلسلة . والجزء الخامس يتناول صفات وفضائل أولئك الذين يفتشون عن الحقيقة والصدق .
12- الرسالة في سلوك خلاصة السادات النقشبندية، لتاج الدين زكريا:
ألف هذا الكتاب الشيخ تاج الدين زكريا) 1050 ه - 1640 م( الذي كتب عدة رسائل في التصوف، كما ترجم النفحات للجامي والرشحات للواعظ الكاشفي باللغة العربية. في الباب الأول من هذا الكتاب بين المؤلف نسب السلسلة النقشبندية التي كان ينتسب نفسه إليها، ثم بين من لم يكن له مرشد روحاني يصير قائده وفي الباب الثاني ذكر كيف يمكن الحصول على وصال الله وليس له إلا طريقان؛ مصاحبة الأولياء بالمداومة أو ذكر الله. ثم بين المؤلف الأعمال الخاصة للسلسلة النقشبندية ، ومن أهم تدريبات هذه السلسلة تدريبات التنفس خارجيا وداخليا، وطريقته أن يغمض عينيه ويلصق طرف اللسان باللثة ثم يذكر لاإله إلا الله في القلب بحيث يدخل النفس أثناء قوله لا إله، ويخرج النفس أثناء قوله إلا الله.
ومما يدل على أهمية هذا الكتاب أن الشيخ عبد الغني النابلسي ) 1143 ه 1730م) شرح هذا الكتاب شرحا جامعا وسماه مفتاح المعية في الطريقة - النقشبندية .
13-ملهمات، للشيخ جمال الدين الهنسوي :
هذا الكتاب من أهم الكتب التي تشتمل على أقوال الصوفية وملفوظاتهم، ومؤلفه جمال الدين الهنسوي الذي كان منسلكا بسلسلة سلطان الهند خواجه معين الدين الجشتي ، فأسس فرعا للسلسلة الجشتية انتسب إليه. وأقواله ممتعة وذات تأثير من حيث اللفظ والمعنى جميعا ، نذكر بعضها على سبيل النموذج فيما يلي:
طالب الدنيا جاهل              طالب العقبى عاقل             طالب المولى كامل
طالب الدنيا مردود             طالب العقبى     مسعود              طالب المولى محمود
طالب الدنيا مغرور             طالب العقبى     مسرور                طالب المولى منصور
طالب الدنيا مغبون               طالب العقبى ممنون           طالب المولى مأمون
طالب الدنيا هالك               طالب العقبى سالك                 طالب المولى مالك
طالب الدنيا ذليل                طالب  العقبى      جليل                طالب المولى خليل
وفي موضع من الكتاب جمع المؤلف جميع صفات الفقير الصادق بأسلوب
جذاب ونص ذلك كالآتى :
الفقير خلق شريف يتولد منه الصلاح والعفة والزهد والورع والتقوى والطاعة
والعبادة والجوع والفاقة والمسكنة والقناعة والمروءة والنقوة والديانة والصيانة والأمانةوالسهر والتهجد والخضوع والخشوع والتذلل والتواضع والتحمل والكظم والعفو والإغماض والإشفاق والإنفاق والإيثار والإطعام والإكرام والإحسان والإعراض والإخلاص والانقطاع والانفصال والصدق والصبر والسكون والحلم والرضاء بالذل والجود والسخاوة والخوف والرجاء والرياضة والمجاهدة والم ا رقبة والموافقة والمداومة والمعاملة والتهذيب والتجريد والتفريد والوقار والمدارة والعناية والرعاية والشفقة والشفاعة واللطف والكرم والتفقد والشكر والفكر والذكر والحرمة والأدب والاعتصام والاحترام والطلب والرغبة والغيرة والعبرة والبصرة واليقظة والحكمة والهمة والمعرفة والحقيقة والخدمة والتسليم والتفويض والتوكل والتبتل واليقين والثقة والعناء والإستقامة وحسن الخلق، وكل فقير وجدت فيه هذه الصفات سمي فقيرا كاملا، واذا فقد لم يسم فقيرا .
ومن أقوال المؤلف أيضا ما نذكره فيما يلي:
( الجزء الثاني  اضغط هنا)



مواضيع ذات صلة
الكتب, دراسات, مقالات,

إرسال تعليق

0 تعليقات